شهادة أبوعاقلة خلال هبّة باب الأسباط  24/7/2017
أعمل في الصحافة منذ سنوات طويلة وفي كل يوم أسمع التعليق ذاته "كيف تحافظين على انطباع واحد على وجهك حتى لو كان الرصاص والانفجارات تدوي من حولك؟"
يوم الجمعة الماضية تشرفت بالمشاركة في التغطية في مدينة القدس، وطلب مني المشاركة في برنامج هذا الصباح. كان الموضوع الذي سبق مقابلتي يتحدث عن " السعادة"، ولما انتقلت التغطية إليّ قلت أن القدس حزينة والأقصى يتيم
كانت شوارع المدينة خالية والحواجز تقطع أوصالها وانتشار قوات الاحتلال فيها يدمي القلب، لأول مرة عندما بدأت الحديث شعرت أنني غير قادرة على الكلام، وشعرت برغبة قوية في البكاء، أردت أن أقول على الهواء "أنا ابنة القدس ولم أرها بهذا الشكل من قبل"، لكني التزمت بمبادئ المهنية واحتفظت بمشاعري
مع اقتراب موعد صلاة الجمعة كان أبناء المدينة ومن استطاع من الداخل الفلسطيني، يحاولون الوصول إلى المسجد الأقصى ولم يستطيعوا حتى الاقتراب منه، صلوا في الشوارع وأمام الحواجز، ثم تكرر المشهد مع صلاة المغرب كان عشرات الشبان ينتظرون في أقرب نقطة يمكنهم الوصول إليها
بدا المشهد مؤثرا جدا بالنسبة لي، عندما كانت أعداد المصلين تتزايد عند باب الأسباط، كان الحشد يتسبب باغلاق الشارع الرئيس وكانت قوات الاحتلال تقف عاجزة أمام هذا المد الشعبي، وما إن تنتهي الصلاة حتى تسارع شرطة إلى تصويب قنابل الصوت على المصلين وتندفع باتجاههم تركل وتضرب الكبار قبل الصغار، وكلما كان البعض يبتعد هاربا تأتي أصوات الشبان ابقوا لا تغادروا لا تخافوا

شعرت أننا انتصرنا بالفعل حتى قبل أن تزال البوابات
تأثرت أنا التي أتذمر يوميا من مشهد شوارعنا غير النظيفة حين كنت أشاهد الشبان المرابطين يجمعون المخلفات ليظل الشارع نظيفا، وتأثرت لرؤية متبرعي الماء والكعك المقدسي والفلافل والحمص والجبن، وأحيانا الحلوى
لم يتطلب الأمر أكثر من يوم في القدس، لأدرك خطأ انطباعي خلال السنوات الأخيرة، فنحن لم نخسر أبدا معركة القدس، لا أعرف كيف ستنتهي الأزمة، لكني بت اليوم أكثر تفاؤلا وعلى يقين أكبر أن الأقصى ليس يتيما، ومثله كل مقدساتنا الإسلامية والمسيحية.